الأحد، 26 يونيو 2011

صحوة ضمير

عدت إلي المنزل مساءاً كعادتي . والجميع أخبروني خبرا سيئا !!! صديقك يحتضر وقرر أن تكون أخر لحظاته في غرفتك ويريد أن تكون أنت آخر من تقع عليه عيناه !!! يريد أن يراك قبل أن يموت !!! أسرعت بخطايا حتي أراه فوجدته مستلقيا علي ظهره لشدة مرضه وعيناه غائرتان من شدة وهنه !!! وجدته وهو شاب في ريعان شبابه فهو في مثل سني !! لكني وجدته كهلا عجوزا وكأن له من العمر الف عام !!!!
حدثت نفسي متعجبا يا ويلي ! أين كنت وصديقي يصل إلي هذه الحالة ؟؟
أألهتني مشاغل الحياة ومتاعبها عن أقرب الناس لي ؟؟ عن صديقي !!!!
إنني معه ليلا و نهارا فكيف لم أري هذا الوهن والضعف فيه ؟؟؟!!!!
ألم أكن أري سوي نفسي ؟ .... !!!!
هل حدث له كل ذلك في الفترة القصيرة التي غيبت فيها عنه ؟؟

سألته عن حاله . فقال كما تراني . فسألته لماذا لم تخبرني بمرضك ؟ فقال وهل اعتدت مني علي الشكوي ؟ وكيف لي أن أشكو؟؟ أأحملك همي ؟؟ يكفيك ما تحمل من هموم ..

أردت أن أطمئنه عن حاله لكنه نظر إلي بابتسامة تملأ وجهه قائلاً لي " الآن يا صديقي أودعك ، الآن يا رفيقي أفارقك ، الآن يا خليلي أتركك ، كم عشنا معا أياما بحنوها وقسوتها بحلوها ومرها ، عشنا جسدا واحدا روحا واحدة نفسا واحدة "

حاولت أن أخبره أنه بخير حتي يكف عن مثل هذا الكلام . لكنه فهمني كعادته وقاطعني قائلا " يا صديقي لا تجادلني , أعلم جيدا ما أنا فيه فقد نظرت في عيناك وعلمت ما أخبروك به في خارج الغرفة .
واستطرد قائلا " كم سأشتاق إليك يا صديقي ، كم سأشتاق إلي أيامنا معا إلي سهرنا معا ، إلي خصامنا وجدالنا ونقاشاتنا ، كم سأشتاق إلي عنادك وصلابة رأسك ، كم سأشتاق إليك وأنت تأتيني منتصف الليل حتي تشكو إلي همومك ونسهر حتي الصباح تفكيرا في الحلول ، كم سأشتاق إلي طيبتك , إلي تسامحك إلي عفوك وصفحك ، "

وهنا اغرورقت عيناي من الدموع ولم أستطع كبحها . فمد إلي يده ومسحها وقال " لا تبكي يا صديقي علي فراقي فأنا من يبكي علي فراقك لأنني سأتركك في هذه الدنيا وحدك " ....
ونظر إلي مبتسما ثم سكت ................................

وفجأة وجدت الصمت يدوي في أركان الغرفة !!!!!
تحسسته فلم يجيبني ولو بإشارة !!! جن جنوني..صديقي !!! صديقي !!!
حاولت أن أسعفه بشتي الطرق فلم أستطع, حملته بين ذراعي وجريت به بحثا عن أحد يسعفه . جريت به هنا وهناك لكنني لم أجد أحدا ... ووجدت نفسي في مكان ليس فيه أحد إلا أنا وصديقي . حاولت بكل الطرق الطبية وغير الطبية فلم أستطع أن أسعفه . وحينها بدأ اليأس يتملك مني . فقد فشلت كل محاولاتي في إنقاذ صديقي !! فقررت أن أرضي بالأمر الواقع وهو موت صديقي . وقررت أن أصلي عليه وأودعه ثم أدفنه .

وبدأت الوضوء , وحينها سمعت شيئا يهمس في أذني بقول الله سبحانه وتعالي (( قل يا عبادي اللذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ))
وهنا عرفت جيدا ما يجب علي فعله تجاه صديقي فأتممت وضوئي ثم رجعت إليه فوجدته حيا لكنه كما الأموات ..
وبدأت أصلي وأتلو القرآن وأدعو له بالشفاء .. وكلما أزداد قراءة وصلاة ودعاءا يزداد صديقي تعافيا وشفاءاً
فأكثرت وأطلت فيهم وكلما أراه يزداد شفاءا أزداد أنا قراءة وصلاة ودعاءا .حتي وجدت صديقي يقف أمامي ثانية وفي كامل صحته وكأنه لم يكن في مرض الموت منذ لحظات !!

لم أصدق عيناي !!! هل هذا حلم ؟؟ هل هذا هو صديقي الذي كنت قد قررت أن أدفنه ؟؟

وفكرت قليلا فيما حدث . ولماذا لم أجد أحد أمامي بعد أن كان المنزل مكتظا ؟؟
وحينها علمت أن الله سبحانه وتعالي قد فعل بي ذلك حتي أكون وحدي أنا وصديقي كي يخبرني أنه لا يوجد أحد سوي رب العالمين قادر علي أن يشفي صديقي . وأنني ينبغي علي أن أطلب منه وحده المساعدة والإعانة حتي أسعف أعز صديق لدي . وأنه وحده هو القادر علي شفاءه ....
وتذكرت قوله سبحانه (( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ))
وهنا خررت ساجدا شاكرا لرب العباد الذي أعانني وشفي صديقي من سقمه ..


انتهت قصة صديقي ... بقي شئ واحد فقط هو أنا تعرفوا من هو صديقي !!!
إنه ليس صديق من جنس الإنس أو الجن أو الحيوان ..
إنه ..... ضميري .........................

هناك تعليقان (2):

  1. في الإسلام هناك حديثا يدل على وجود الضمير وهو حديث وابصة ابن معبد الذي سأل الرسول محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم عن البِر والإثم فقال له: "يا وابصة، استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النَّفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر وإن أفتاك المفتون "

    الإسلوب أكتر من راائع :)

    ردحذف
  2. صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم
    أحسنتي يا آنسة بيور :)

    ردحذف